أمازون غنية عن التعريف أو التوصيف، وتجربتها الرائدة بالتجارة الإلكترونية والتوسع بخدماتها هي خُلاصة تجارب تُقدم على طبق من ذهب لجميع رواد الأعمال حول العالم. والإستفادة من خبرات الآخرين والتعلم من أخطائهم ونجاحاتهم مهمة سهلة لكن القليل فعلا من يُمارسها ويقوم بمتابعة هذه الأمور. لأسباب عديدة منها عدم تعاون رواد الأعمال فيما بينهم خصوصا الشركات الناشئة والصغيرة. ومنها غياب الدراسات الدقيقة للمنطقة التي يُقيمون أعمالهم فيها خصوصا في المنطقة العربية. لكن تبقى تجارب الشركات الكبيرة مثل أمازون تجارب غنية وتستحق الدراسة خصوصا أنها متاحة بسبب طرح مثل هذه الشركات كشركات مساهمه وهو ما يستدعي زيادة الشفافية لعموم المستثمرين فيها.
في هذه المقالة سأسلط الضوء على تجربة أمازون في التجارة الإلكترونية وفي نقطة محددة لنتعلم من أمازون كيف يمكن تطوير هذه الأعمال. انطلقت أمازون بخدمة Amazon Prime في عام ٢٠٠٥م وكان الهدف منها هو إتاحة اشتراك العميل في هذه الخدمة لإعطائه تجربة توصيل المشتريات بشكل أسرع من العميل الغير مشترك في هذه الخدمة. وأخذت تتطور هذه الخدمة ومميزاتها مع مرور الوقت حتى وصلت لتوصيل عدد لا محدود من الطلبات خلال يومين وفي بعض الأحيان خلال يوم واحد فقط! ومؤخرا أتاحت الشركة خدمة Prime Now في عدد محدود من المدن لتقديم خدمة توصيل المشتريات خلال ساعة أو ساعتين من تقديم الطلب!
أمازون في السنوات الأخيرة أصبحت تقدم مميزات ضخمة جدا (إضافة للميزة الأساسية وهي توصيل المشتريات بشكل أسرع) من ضمنها خدمة مشاهدة الأفلام و الاستماع للموسيقى وخصومات خاصة على بعض البضائع المعروضة والتوصيل المجاني وخدمة تخزين الصور أونلاين وأخيرا تقديم خدمات الدخول بشكل مجاني على بعض الكتب والمجلات. كل هذه العروض والميزات الضخمة والتي تزداد مع مرور الوقت مقابل قيمة اشتراك سنوي ثابت ويقدم بخصم٥٠٪ تقريبا للطلبة الجامعيين أيضا.
لماذا تقوم أمازون بمثل هذه المجازفة وزيادة تكاليفها بتقديم مثل هذه الخدمات الكبيرة للأعضاء المشتركين؟ بناء على تقرير صدر حديثا من Morgan Stanley Research و AlphaWise فإن عملاء أمازون خلال السنة الماضية كانت قيمة مشترياتهم خلال السنة كما يلي: أقل من ١٠٠ دولار ٣٤٪ من العملاء العاديين قام بها و ٩٪ قام بها مشتركي خدمة أمازون برايم وللعمليات من ١٠٠-٥٠٠ دولار قام بها ٤٦٪ من العملاء العاديين و ٢٦٪ من المشتركي بالخدمة وللعمليات من ٥٠١-١٠٠٠ دولار قام بها ١٣٪ من العملاء العاديين و ٢٤٪ من المشتركين بالخدمة. وللعمليات من ١٠٠١-٢٠٠٠ دولار قام بها ٥٪ من العملاء العاديين و ١٦٪ من المشتركين بالخدمة وللعمليات من ٢٠٠١-٤٠٠٠ دولار قام بها ٢٪ فقط من العملاء العاديين بينما ١٠٪ من المشتركين بالخدمة والملاحظ من الأرقام السابقة أن العمليات ذات القيمة العالية كان يقوم بها المشتركين بالخدمة أكثر من العملاء العاديين بينما المبالغ الصغيرة ٥٠٠ دولار وأقل كان يقوم بها العملاء العاديين. ويضاف لذلك إذا علمنا أن متوسط المشتريات من أمازون خلال السنة للمشتركين بالخدمة هو ٢٤٨٦ دولار بينما العملاء العاديين يشترون ما قيمته ٥٤٤ دولار فقط! وهو ما يعني أن المشتركين بالخدمة يتسوق من أمازون ما يقارب خمسة أضعاف ما يقوم به العميل العادي!
هذه الأرقام توضح السبب الفعلي لاهتمام أمازون الكبير جدا بالمشتركين بالخدمة وتقديم مميزات إضافية لهم مع مرور الوقت لتجربتها الإيجابية معهم وذلك بزيادة إنفاقهم بأضعاف العميل العادي. لذلك تعمد أمازون حاليا على زيادة العملاء المشتركين بالخدمة وهو ما يعني زيادة أرباحها على المدى البعيد فعلى سبيل المثال حسب التقرير الآخير الصادر من أمازون فإن عدد العملاء المشتركين بالخدمة في أمريكا بلغ ٢٥ مليون عميل في شهر ديسمبر عام ٢٠١٣م وأخد العدد يتضاعف حتى بلغ ٦٣ مليون عميل في شهر ٦ من عام ٢٠١٦م وحسب الأرقام السابقة يعني أن كل مشترك بهذه الخدمة يقابل ٥ عملاء عاديين وهو ما يعني أن الـ ٦٣ مليون مشترك يتسوقون من أمازون بذات القيمة التي يتسوق بها ٣١٥ مليون عميل!
مع مرور الوقت واستمرار زيادة العملاء المشتركين بهذه الخدمة تضمن أمازون زيادة أرباحها على المدى البعيد وتزيد من ولاء العميل لها وتزيد من فرص استمراره معها بشكل أطول بسبب وجود هذه الخدمات الإضافية للمشتركين والتي تم التطرق لها سابقا. هذه التجربة الفريدة من أمازون درس لرواد الأعمال والمهتمين في مجال التجارة الإلكترونية في الوطن العربي. صحيح أنه لا يمكن أن يقدم رواد الأعمال والشركات الناشئة مثل هذه الخدمات دُفعة واحدة. ولكن يجب على رواد الأعمال البدء بالتفكير بشكل جاد بتقديم خدمات شبيهه بها ومحاولة تطويرها مع مرور الوقت، الأمر الآخر وهو ما يجب أن يستوعبه رواد الأعمال والشركات الناشئة أنه يمكنهم التعاون فيما بينهم لتقديم خدمات تكاملية للعميل تحت عضوية واحدة للعميل وهو ما يعطي الميزة للعميل بالاستمتاع بمميزات أكبر من خلال هذه العضوية ويعطي المجال للشركات الناشئة بضمان استمرار العميل معهم وتوزيع الجهد والمميزات المقدمة للعميل فيما بينهم لتكون تكلفتها عليهم أقل.
الكاتب: أحمد الزمامي http://ahmadaziz.com/
التدوينة درس التجارة الإلكترونية من أمازون ظهرت أولاً على عالم التقنية.
from مقالات – عالم التقنية http://ift.tt/2enwRf5
تحويل كودإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء