تغيّر مفهوم التجارة الإلكترونية بشكل كامل بدءًا من العام 2007 وهو العام الذي شهد ثورة في عالم الأجهزة المحمولة والهواتف مع إطلاق جهاز آيفون لأول مرة متبوعًا بأول هاتف ذكي يعمل بنظام أندرويد.
أهمية هذه الأجهزة لا تكمن في التقنيات المُستخدمة فقط، بل تُعتبر التطبيقات التي يُمكن تثبيتها هي المُحرك الأساسي الذي دفع عجلة نظامي آي أو إس من آبل وأندرويد من جوجل وأخرج بقية الأنظمة خارج السباق تقريبًا.
هذه التطبيقات غيّرت طريقة التعامل مع الأجهزة الذكية والمحمولة، وفي نفس الوقت غيّرت مفهوم التجارة الإلكترونية المُتعلقة ببرمجيات الحاسب بشكل عام. فبعد أن كان المُستخدم بحاجة لدفع ما لا يقل عن 50$ لشراء رخصة استخدام برنامج مُعيّن، أصبح بالإمكان شراء التطبيقات من المتاجر المُخصصة للأجهزة الذكية بسعر يبدأ من 0.99$.
يُمكن اعتبار متاجر التطبيقات جزء من أجزاء التجارة الإلكترونية التي تتوفر بأشكال أُخرى مُتمثّلة بمواقع مثل AliBaba أو أمازون وeBay. لكن بشكل عام ومهما اختلف شكل التجارة الإلكترونية يبقى المُستخدم العربي خارج الأرقام والإحصائيات السنوية التي تظهرها الدراسات على الرغم من المحاولات الحثيثة لتوفير بنية تحتية مُلائمة.
الكثير من المتاجر الإلكترونية العربية ظهرت في الآونة الأخيرة ونجح بعضها في كسب ثقة ورضا العميل، لكن أرقامها في ذات الوقت لا تتناسب طردًا مع عدد مُستخدمي الإنترنت في الوطن العربي بسبب بعض المشاكل التي سنحاول تسليط الضوء عليها آخذين بعين الاعتبار أن كل دولة أو أُمّة مرّت بهذه المشاكل وتغلبت عليها قبل أن تُصبح التجارة الإلكترونية جزءًا لا يتجزأ من ثقافتها.
1. وسائل الدفع
تُعتبر وسائل الدفع واستلام الأموال من أكثر المشاكل التي تُؤرق سُكان الوطن العربي، فعلى الرغم من وفرتها في بلدان الخليج العربي إلا أن سُكان بلاد الشام وشمال إفريقيا مازالو يعانون حتى الآن في إيجاد وسيلة دفع إلكترونية تسمح بإرسال واستقبال الأموال بسهولة.
هذه المُشكلة بدورها تؤثر سلبًا على سوق العمل الإلكتروني المُتمثل في العمل الحر الذي يلعب دورًا كبيرًا في حجم التجارة الإلكترونية عالميًا خصوصًا مع توفر أكثر من منصّة للعمل الحر عالميًا.
مواقع مثل Paypal يُمكن أن تكون أحد الحلول، لكن أيضًا دعمه محدود بالنسبة لدول الوطن العربي.
حلول هذه المُشكلة لا يُمكن أن تكون بأيدي الأفراد، فكل دولة يجب أن تكون مسؤولة عن تنظيم حركة التجارة الإلكترونية وتوفير حلول دفع إلكترونية تسمح بالتسوق عبر الإنترنت دون قيود.
2. الخصوصية والأمان
يجهل الكثير من مُستخدمي الإنترنت الفرق بين Http وHttps أو الفرق بين الدفع باستخدام منصّات الطرف الثالث 3rd Party Payments وبوابات الدفع الإلكتروني الآمنة.
غياب هذه المفاهيم بإمكانه إبعاد المُستخدم عن التسوق إلكترونيًا بسبب عدم ضمان مصير بيانات بطاقته الإلكترونية على الرغم من وجود بوابات دفع مربوطة مع شركات عالمية مثل فيزا أو ماستر كارد التي لا تسمح بإتمام عملية الدفع إلا من خلال كتابة رمز الأمان الذي يصل إلى هاتف المُستخدم.
الإطلاع على شروط واتفاقية الاستخدام في أي موقع للتسوق الإلكتروني من شأنه دفع الخوف إلى الخلف، وباستخدام مُحرك بحث جوجل يُمكن الإطلاع على مستوى أمان المتجر ووثوقيته في التعاملات الإلكترونية لأن معظم المتاجر تتواجد في دول مثل الولايات المُتحدة الأمريكية أو أوروبا، وبالتالي تخضع لقوانين الدولة المُتعلقة بالتجارة الإلكترونية وهو ما يسمح لأي مُستخدم باتخاذ إجراءات قانونية في حالة النصب أو الاحتيال.
3. انعدام الأسعار التنافسية
لا بُد من جذب المُستخدم العربي للتسوق عبر الإنترنت بطريقة أو بأُخرى، فمجرد وجود متجر إلكتروني لشركة أو لسلسة متاجر كبيرة لا يعني أن المُستخدم سوف يشتري أثناء تصفحه للإنترنت.
الأسعار في مُعظم المتاجر الإلكترونية العربية هي نفسها في المحل التجاري، وبالتالي لا يوجد أي عامل يُشجّع المُستخدم على شراء القطعة من الإنترنت عوضًا عن التوجه إلى المحل للحصول عليها. هذا بدوره يؤثر سلبًا على التعاملات الإلكترونية.
ولو أخذنا دولة كتركيا مثلًا، نجد أن معظم المحال التجارية الكبيرة توفر متاجر إلكترونية، مع تخصيص تخفضيات أسبوعية على بعض المنتجات عند شراءها من الإنترنت فقط، ولا يُمكن الحصول على نفس التخفيض عند التوجه إلى المتجر.
4. الثقافة وتفضيل التعاملات وجهًا لوجه
مشاكل الدفع الإلكتروني، والخصوصية والأمان بالإضافة إلى انعدام الأسعار التنافسية أدت إلى تعزيز ثقافة التسوق بشكل شخصي وليس بشكل افتراضي عن طريق الإنترنت.
جيلنا تربّى على التوجه إلى الأسواق المحلية للتسوق منها حاله كحال الكثيرين في حول العالم، لكن التغلب على المُشكلات السابقة في أوروبا أو شرق آسيا أدى بشكل كبير إلى النزوح نحو التسوق إلكترونيًا، وهو ما جعل مواقع مثل AliBaba أو JD تحصل على أرباح سنوية عالية، ضاربًا بثقافة التسوق التقليدية عرض الحائط.
5.قلّة الخيارات
لا يوجد ما يحث الحكومات على تنظيم التعاملات المالية الإلكترونية، وبالمثل لا يوجد ما يحث الأفراد على تأسيس متاجرهم الإلكترونية لغياب تنظيم الدولة وبالتالي تدور العجلة في حلقة مُفرغة لا تنتهي !
من الضروري جدًا إنشاء أكثر من متجر إلكتروني ولو حتى كان مُخصص لمدينة مُحددة أو بلد واحدة، فالتخصص يُسهّل القضاء على المشاكل والمُسائلات القانونية.
نشر ثقافة إنشاء أكثر من متجر إلكتروني تابع لبلد واحدة مع تنوع محتوياته سيؤدي بالنهاية إلى دراسة جادّة من قبل الحكومات لتنظيم هذه التعاملات نظرًا لأهميتها البارزة في البلدان المُتقدمة وبالتالي دخول عالم التجارة الإلكترونية بشكل فعّال لرفع الأرقام التي لم تتجاوز حتى نصف إجمالي التعاملات الإلكترونية في أوروبا الشرقية أو أميريكا اللاتينية اللواتي تُعتبران أضعف نقاط العالم من ناحية التجارة الإلكترونية.
باختصار، تتألف التجارة الإلكترونية من متجر، وسائل دفع، بضائع، خدمات توصيل ومُستخدم. ومع وجود المُستخدم والبضائع وخدمات التوصيل، وغياب المتاجر ووسائل الدفع الإلكترونية لا يُمكن تطوير هذا النوع من التعاملات.
وبالعودة إلى متاجر التطبيقات المتوفرة للهواتف الذكية، عملت الشركات على توفير بطاقات برصيد مُعيّن لاستخدامها في شراء التطبيقات، لكن هذا أيضًا لم يكن كفيلًا في دفع عجلة التسوق الإلكتروني وبقي جزء كبير من المُستخدمين العرب يبحث عن التطبيقات لتحميلها بطرق غير شرعية !
لذا، لا توجد حلول فردية للمشاكل التي يُعاني المُستخدم العربي على الإنترنت، فغياب وسائل الدفع واستلام الأموال عبر الإنترنت يُعتبر من أكبر العوائق خصوصًا مع تجاهل بعض البنوك العربية أهمية هذا المجال وتقييد حرية استخدام بطاقات الإئتمان عبر الإنترنت.
لكن في المقابل، فإنه وحتى مع توفر وسائل الدفع تبقى الثقافة غائبة وبحاجة إلى تبني أفكار جديدة – بعد توفير البنية التحتية المُناسبة – لدفع عجلة التجارة عبر الإنترنت وزيادة الأرقام وإجبار المتاجر الإلكترونية العالمية على دعم بلاد الوطن العربي.
التدوينة ما الذي يُؤخر ازدهار التجارة الإلكترونية في الوطن العربي؟ ظهرت أولاً على عالم التقنية.
from عالم التقنية » مقالات http://ift.tt/1FqSuRk
تحويل كودإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء